- الغضب الساطع آت.. أسرار الخيارات المصرية لمواجهة الحماقة الإثيوبية.. وكواليس الموقف السودانى .- ماذا سيح

مصر,الاحتياجات المائية,نهر النيل,الحكومة,فرنسا,إثيوبيا,الهجرة غير الشرعية,الأرض,حماية,قضية,العالم,دول حوض النيل,السيسى,الرئيس السيسى,الأمم المتحدة,حوادث,المرحلة الثانية,فقدان,الزراعة,التنمية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب : " اطمئنوا.. سيظل النيل يجرى  " كيف يدير « السيسى » ملف سد النهضة؟

محمود الشويح - صورة أرشفية  الشورى
محمود الشويح - صورة أرشفية

- الغضب الساطع آتٍ..  أسرار الخيارات المصرية لمواجهة «الحماقة» الإثيوبية.. وكواليس الموقف السودانى .

- ماذا سيحدث فى جلسة مجلس الأمن؟ ولماذا أعلنت إثيوبيا الملء الثانى دون اتفاق؟ 

- الوعد الصادق .. صوت الجيش المصرى « إذا كتب علينا القتال فنحن أهل له »

- وعد القائد.. لن نسمح بأن تنقص نقطة من مياه مصر.. وكل الخيارات مفتوحة .

تقف مصر الآن عند مفترق طرق.. الأمن المائى مهدد بشكل كبير مع الإعلان الإثيوبى "الوقح" عن بدء الملء الثانى لسد النهضة دون الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم.. لا أحد يعرف ما ستؤول إليه الأمور.. لكن ما أعرفه ويعرفه الكثيرون غيرى أن فى مصر قيادة لن تفرط أو تقبل بتهديد شعب تعداده يزيد على ١٠٠ مليون نسمة.. باختصار كل الخيارات مفتوحة.

بعد ساعات قليلة من كتابة هذه السطور ستكون مصر أمام فصل مهم فى هذه القضية الحساسة، حين ينعقد مجلس الأمن الدولى لبحث القضية، بعد أن نجحت مصر والسودان فى دفع المجلس إلى عقد هذه الجلسة عقب رسائل دبلوماسية حكيمة أوضحت قدر التعنت الإثيوبى فى هذا الملف، وبعد دعوة الدول العربية -الشهر الماضى- مجلس الأمن للاجتماع لبحث المسألة وخطط إثيوبيا لتنفيذ المرحلة الثانية من الملء دون اتفاق مع دولتى المصب.

التوقعات ليست مبشرة، لن أخدعكم، فما أملكه من معلومات تقول إن المجلس سيوصى بسرعة عودة المفاوضات مرة أخرى تحت رعاية الاتحاد الإفريقى، ولكن بشرط -إذا حدث- تحديد جدول زمنى محدد والوصول إلى اتفاق شامل خلال فترة محددة.

غير أن الكثيرين لا يرون أملا كبيرا فى هذه الجلسة، فقد صرح رئيس مجلس الأمن الدولى لشهر يوليو الجارى، نيكولا دو ريفيير، سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، بأن المجلس سيعمل على تشجيع الأطراف الثلاثة للعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل مرضٍ، مشيرا إلى أن على الدول الثلاث أن تتحدث فيما بينها وتصل إلى ترتيبات لوجستية بشأن التعاون والمشاركة فى حصص المياه.

ولقد توقفت أمام تصريحات مهمة أدلى بها الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، قبل الجلسة وقبل الإعلان الإثيوبى، حيث أكد أن قطاع المياه فى مصر يواجه تحديات على رأسها محدودية الموارد المائية المتاحة، والإجراءات الأحادية التى يقوم بها الجانب الإثيوبى فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، بالإضافة للتغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية، وذلك خلال مشاركته فى المؤتمر الوزارى رفيع المستوى بعنوان "مشاورات من أجل الوصول إلى نتائج"، الذى عقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وتنظمه الحكومة الألمانية ممثلة فى وزارة البيئة، ويعد من أهم المحطات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة نصف العقد الخاص بالمياه والمقرر تنظيمه فى عام 2023.

وزير الرى قال إن مصر تعد من أعلى دول العالم جفافا، وتعانى من الشح المائى، حيث تقدر موارد مصر المائية بحوالى 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتى من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار التى تقدر بحوالى مليار متر مكعب، والمياه الجوفية العميقة غير المتجددة بالصحارى، وفى المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه.

أما تعويض هذه الفجوة فيجرى من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بعد معالجتها، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويا من المياه.

الدكتور عبدالعاطى أضاف أن مصر ودول العالم تشهد تغيرات مناخية متزايدة، لافتا إلى ما ينتج عن هذه التغيرات المناخية من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان فى الحصول على المياه، حيث تعد مصر من أكثر دول العالم تأثرا بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير غير المتوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ليس هذا فقط بل إن تأثير التغيرات المناخية يمتد إلى مجالات الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائى والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية، فضلا عن المخاطر التى تواجهها أراضى الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة والذى يؤثر على جودة المياه الجوفية، الأمر الذى سيؤدى لنزوح الملايين من المصريين المقيمين بشمال الدلتا.

وقد استعرض وزير الرى فى كلمته تطورات قضية مياه النيل والموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبى، مؤكدا حرص مصر على استكمال المفاوضات للتوصل لاتفاق قانونى عادل وملزم للجميع يلبى طموحات جميع الدول فى التنمية، مع التأكيد على ثوابت مصر فى حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع فى أى اتفاق حول سد النهضة، مع أهمية أن تتسم المفاوضات بالفعالية والجدية لتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات إلى مرحلة من الجمود نتيجة التعنت الإثيوبى.

وفى هذا السياق أشار إلى ما أبدته مصر من مرونة فى التفاوض قوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبى لمنع الالتزام بما تم الاتفاق عليه، مؤكدا فى الوقت ذاته أن مصر لن تقبل بالفعل الأحادى لملء وتشغيل السد الإثيوبى.

ومصر بلا شك ليست ضد التنمية فى دول حوض النيل والدول الإفريقية، بل على العكس، فإن مصر تدعم التنمية بالدول الإفريقية بكل السبل الممكنة، كما أنها منفتحة على التعاون مع جميع الدول الإفريقية وخاصة دول حوض النيل، بشرط مراعاة شواغل دول المصب، وقد سبق لمصر بالفعل مساعدة دول منابع حوض النيل فى بناء السدود فى إطار تعاونى توافقى.

ومن هنا فإن مصر لم تعترض على أى سد فى إثيوبيا وتدعم التنمية بها، ولكنها تريد تحقيق التعاون باتفاق قانونى عادل وملزم لملء وتشغيل السد الإثيوبى، بما يحقق المصلحة للجميع وهو ما ترفضه إثيوبيا وتعمل على فرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية بدون الرجوع لدولتى المصب.

الأخطر فى تصريحات الوزير كان تأكيده أن أى نقص فى الموارد المائية سوف يتسبب فى أضرار جسيمة، حيث إن نقص مليار متر مكعب واحد من المياه سيتسبب فى فقدان 200 ألف أسرة لمصدر رزقهم الرئيسى فى الزراعة، وهو ما يعنى تضرر مليون مواطن من أفراد هذه الأسر، كما أن قطاع الزراعة فى مصر يعمل به 40 مليون نسمة على الأقل، وبالتالى فإن أى نقص فى الموارد المائية ستكون له انعكاسات سلبية ضخمة على نسبة كبيرة من سكان مصر، حيث سيؤدى فقدان فرص العمل لحالة من عدم الاستقرار المجتمعى، التى ستؤدى لموجة كبيرة من الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية وغيرها.

وهذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها، حيث قامت مصر بإعداد إستراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار، وقد تصل إلى 100 مليار دولار، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 تعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه.

هذا إلى جانب ما تم خلال السنوات الخمس الماضية من اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أى طارئ تتعرض له المنظومة المائية من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومى لتأهيل الترع الذى يعد من أكبر المشروعات على مستوى العالم فى هذا المجال، ويهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، كما يتم العمل فى المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع فى استخدام تطبيقات الرى الذكى، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة فى ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة للمشروعات الكبرى التى تستهدف التوسع فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، كما يتم تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال الحماية من أخطار التغيرات المناخية، مثل مشروعات الحماية من أخطار السيول ومشروعات حماية الشواطئ.

استنادا لذلك فنحن أمام خطر وجودى بلا شك يهدد حياة ملايين المصريين.. ومن هنا يحق لكثيرين أن يسألوا: وماذا بعد؟ 

الحقيقة أن الرئيس السيسى قد وضع حدا فاصلا لكل ذلك اللغط حين أكد أن مصر لن تستمر فى التفاوض مع إثيوبيا إلى ما لا نهاية، وأن كل الخيارات متاحة فى التعامل مع هذا الخطر.

وشدد الرئيس على أن مصر لن تقبل بالأمر الواقع، ولن تسمح بأن تنقص نقطة واحدة من المياه، وفى سبيل ذلك فكل السبل متاحة.. ولا يعتقد أحد أنه بعيد عن قدرات مصر.

ولا يمكن هنا أن ننسى رسالة العميد ياسر وهبة، مقدم حفل افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية بمنطقة جرجوب، رسالة للأطراف التى تفكر فى معاداة مصر، حيث أكد: "لسنا دُعاة حروب أو صراعات أو نزاعات، لكننا فى الوقت ذاته، إذا فُرض علينا القتال دفاعًا عن حقوقنا ومكتسبات شعبنا فنحن أهل له ودروس التاريخ تؤكد للقاصى والدانى، أن مصر وإن طال صبرها إلا أنها لا يمكن أبدًا أن تفرط فى حق من حقوقها".

وأضاف: "ستظل مصر تنبض بالحياة لترفع أمتها العربية رأسها إلى عنان السماء، وكما يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم:

أنا إن قدر الإله مماتى  لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى  ما رمانى رام وراح سليمًا  من قديم عناية لله جندى  كم بغت دولةً علىّ وجارت  ثم زالت، وتلك عقبى التعدى أمن العدل أنهم يردون الماء صفوًا وأن يُكدر وردى  لا ولله لن يُكدر وردى".

ما أقوله لكم.. علينا أن نهدأ قليلا وننتظر ما سيحدث فى مجلس الأمن وما ستسفر عنه حوادث الأيام المقبلة.. ونحن نفعل ذلك لا بد أن نضع كل الثقة فى القيادة التى لم ولن تضيِّع مصر أبدا.  وستبقى الشمس تلامس بخدها صفحات النيل الخالد الذى سيظل يجرى بأمر ربه فى مساره الطبيعى إلى أن يرث لله الأرض ومن عليها.. عاشت مصر وسلمت من كل شر.